قصة حقيقية يحكيها مغسل الأموات

يحكي مغسل الأموات أنه اعتاد على حضور الجنائز ولم يعد الموت يرعبه كما كان من قبل لكنه ما يزال يشعر برهبة غريبة كلما حضر جنازة شاب صغير في السن. يقول كنت يومها في مغسلة الموتى أستعد لتجهيز شاب توفي فجأة في حادث سير والعائلة كلها في حالة انهيار لكن شيئا غريبا لفت انتباهي بين الجموع.
كان هناك شاب يجلس في الزاوية لا يكلم أحدا وجهه شاحب ودموعه لا تتوقف وكان ينظر إلى المغسلة وكأن قلبه يتمزق. اقترب مني بهدوء وسألني بصوت مخنوق لو سمحت ممكن أشارك في الغسل. سألته إن كان من أقارب المتوفى فقال كنا أكتر من إخوة كنا سوا في كل لحظة.
سمحت له بالدخول وكان طوال الوقت يبكي وهو يردد ليه
خلال الغسل لاحظت أن جسد المتوفى سليم بلا جروح ولا تشوهات ووجهه فيه طمأنينة عجيبة رغم أن سبب الوفاة كان حادث. وعندما بدأت أكفنه رأيت صديقه يمد يده ويلف الكفن بيده وكأنه يودعه بطريقته الخاصة وكنت أشعر أن هناك سرا خلف هذا الحزن كله لكني لم أسأل احتراما للموقف.
تابع الصفحة الثانية لتعرف الصدمة التي اكتشفها المغسل بعد انتهاء الغسل
بعد الانتهاء من الغسل جلست قليلا خارج المغسلة لأستريح وأجمع أغراضي
حاولت أواسيه وقلتله ده قضاء ربنا مالكش ذنب. لكن دموعه كانت غير دموع شخص مش قادر يسامح نفسه وكان واضح عليه أنه شايل حمل ثقيل وكأنه ما ودع صاحبه بل دفن جزء من روحه معاه. جلس يحكي عنهم سوا كيف عاشوا تفاصيل الطفولة كيف كانوا بيتقابلوا كل يوم بدون ملل وكيف إن الراحل كان بيحلم يكمل دراسته ويتزوج قريبا.
قال لي أنا ما كنت أتصور إنه حيغيب قبلي
المغسل يقول إن اللحظة اللي شاف فيها الصديق يبكي بحرقة ويقبل جبين صاحبه بعد التكفين كانت من أصدق اللحظات اللي مرت عليه في حياته مشهد علمه قد إيه الحب بين الصحاب ممكن يكون أنقى من الدم وإن بعض الفقدان يشبه فقدان الروح نفسها.
الصدمة أن الشاب الذي شارك الغسل كان يحمل ندما لأنه رفض ركوب السيارة مع صديقه يوم الحادث وظل يعتبر نفسه سببا غير مباشر في موته وظل يبكيه بحرقة حتى